الريسوني: آية "ضرب الزوجات" لا تُشرع الاعتداء على النساء
سجل نائب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، الدكتور أحمد الريسوني، أن كثيرا من الناس على قدر مرموق من حسن الخلق وحسن المعاملة، في علاقاتهم مع أصدقائهم وزملائهم ورفقائهم، من رقة وبشاشة وأدب وتسامح، ولكنهم غير ذلك تماما مع أهلهم وداخل بيوتهم".
وانتقد مدير مركز المقاصد للدراسات والبحوث بالرباط، في مقال له نشره على موقعه الإلكتروني، سلوك كثير من الرجال الذين يعتقدون أنه من تمام رجولتهم وقوامتهم، أن يفرضوا استبدادهم وخشونتهم على نسائهم، ويعتقدون أن مراعاة آراء المرأة المخالفة لآرائهم، هو نقصان وضعف لا يليقان برجولتهم ومكانتهم".
واستدرك الريسوني بأنه رغم ذلك فإنه "من مواريثنا الخلقية الجميلة التي مازالت تحتفظ بشيء من بقاياها في مجتمعاتنا الإسلامية، إيثار المرأة بالمساعدة والتقديم والنجدة، كما نجد في مواطن الازدحام والانتظار، وعند الحاجة إلى مقعد للجلوس في القطارات والحافلات ونحوها، أو عند التبضع في الدكاكين".
وانتقل عالم مقاصد الشريعة إلى مسألة ترد دوما في سياق الحديث عن كيفية معاملة المرأة، وهي ضرب الزوجات، حيث جاء في ذلك قول الله تعالى "فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا".
وحاول الريسوني في مقاله حل الإشكال عند من يعتبر ورود ضرب الزوجة في النص القرآني السابق متناقضا مع نصوص أخرى تفيد تكريمها وتقديمها وحسن معاملتها، فأكد أن "وظيفة الآية هي وظيفة تحذيرية وقائية، وليست دعوة لضرب الزوجات.
واستدل المتحدث بسلوك الرسول عليه الصلاة والسلام، حيث تزوج عشر نساء، من أعمار وصفات مختلفة، وعلى مدى زمني يقترب من أربعة عقود، ولم يسبق له أن مد يده ضاربا امرأة ولا خادما طيلة حياته، وكان قد وعظ الناسَ في النساء، فقال: "يضرب أحدكم امرأته ضرب العبد ، ثم يعانقها آخر النهار؟".
وأفاد الريسوني بأن هذا الضرب يترتب على ثلاث مراحل، أولها: أن هناك نشوز فعلي تخشى عواقبه، والنشوز هو تمرد الزوجة على زوجها في معاشرته وقوامته. وأما عواقبه المحذورة، فهي دفع الزوج إلى الوقوع في الفاحشة.
وثاني المراحل، وفق الريسوني، اعتماد الوعظ والنصح مدة من الزمن، لمعالجة هذا النشوز وإصلاح ما فسد من علاقة وسوء تصرف، فيما الثالث "هجران المرأة الناشز، لمدة أخرى، عسى أن تنتبه إلى عواقب نشوزها".
وذهب الفقيه المقاصدي، في ذات المقال المنشور، إلى أن "هذه المراحل الثلاث التي وضعها الشرع قبل اللجوء إلى الضرب، إنما هي حواجز حكيمة تمنع الوصول إلى الضرب، لمن كان لهم عقل وخلق" وفق تعبيره.
وخلص الريسوني إلى أن "الضرب لا يجوز بحال أن يقع في الوجه، ولا يجوز أن يكون لغير النشوز المتحقق المستمر، ولا يجوز أن يكون ضارا ولا مؤثرا في الجسم"، مبرزا أنه "إذا وقع شيء من هذا، فهو عدوان يستحق فاعله العقاب في الدنيا والآخرة".